السبت، 19 أغسطس 2017

العلم نور



قال تعالى :” هَلْ يَسْتَوى اْلَّذينَ يَعْلَمونَ وَالْذينَ لا يَعْلَمونْ


ديننا الكريم قد حثنا على طلب العلم وبين فضله فعَنْ أبي الدَّرْداءِ ، رضي اللَّه عَنْهُ ، قَال : سمِعْتُ رَسُول اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم ، يقولُ: « منْ سلك طَريقاً يَبْتَغِي فِيهِ علْماً سهَّل اللَّه لَه طَريقاً إلى الجنةِ ، وَإنَّ الملائِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا لِطالب الْعِلْمِ رِضاً بِما يَصْنَعُ ، وَإنَّ الْعالِم لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ منْ في السَّمَواتِ ومنْ في الأرْضِ حتَّى الحِيتانُ في الماءِ ، و فَضْلُ الْعَالِم على الْعابِدِ كَفَضْلِ الْقَمر عَلى سائر الْكَوَاكِبِ، وإنَّ الْعُلَماءَ وَرَثَةُ الأنْبِياءِ وإنَّ الأنْبِياءَ لَمْ يُورِّثُوا دِينَاراً وَلا دِرْهَماً وإنَّما ورَّثُوا الْعِلْمَ ، فَمنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحظٍّ وَافِرٍ » . رواهُ أبو داود والترمذيُّ .

العـلم نـور يضيء العـقـول ويضيء النفـوس.. العـلم ينتفع به الفـرد والمجتمع عـلى حد سواء ( وقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا)، لنتأمل معاني هذه الآية الكريمة.. الدعاء والطلب من الله سبحانه أن يزيدنا عـلماً لا منصب ولا جاه ولا شيء مادي بل علـماً وذلك لأن العلم هو الشمعة التي لا تنطفىء مهما أشعـلناها بل يزداد توهجها. 

العلم نبع يستقى منه الانسان خصائص حياة كريمة و لا غنى للإنسان عنه و من فوائد العلم توسعة مدارك الفـرد وقـدرته عـلى الفهم والإدراك والاستيعاب والتحليل والنظر إلى الموضوع أو القضية من أكثر من زاويةٍ، العلم يكسب الفرد الاحترام الذاتي والاحترام والتقدير والمهابة.

العِلْـمُ، هو كل نوع من المعارف أو التطبيقات. وهو مجموع مسائل وأصول كليّة تدور حول موضوع أو ظاهرة محددة وتعالج بمنهج معين وينتهي إلى النظريات والقوانين  . 

العلم ينير العـقل ويهدي إلى الحق والصواب إذا استخدم في الخير وقُصِد به النفع للنفس وللناس، بالعلم تستطيع كسب الرزق.

الجمعة، 18 أغسطس 2017

تدوينات - في الذكرى الأولى لعيد الاستقلال الوطني 28 نوفمبر 1961


في الذكرى الأولى لعيد الاستقلال الوطني 28 نوفمبر 1961 وشح الرئيس المختار ولد داداه الشخصيات التالية : ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻷﻣﻴﻦ ﻭﻟﺪ ﺁﻛﺎﻁ ، ﺑﺰﻳﺪ ﻭﻟﺪ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ، ﻟﺤﺒﻴﺐ ﻭﻟﺪ ﺍﻟﺴﻤﺎﻥ ، ﻣﺤﻤﺪﻭ ﻭﻟﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻣﺤﻤﻮﺩ ، ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻷﻣﻴﻦ ﻭﻟﺪ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ، ﻣﺤﻤﺪ ﻭﻟﺪ ﻣﺤﻤﺪ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ، ﺍﻟﻤﺨﺘﺎﺭ ﻭﻟﺪ ﺣﺎﻣﺪﻥ ، ﻣﺤﻤﺪ ﻭﻟﺪ ﺃﺑﻦ ﻋﺒﺪﻡ ، ﺩﺍﻫﻲ ﻭﻟﺪ ﻧﺎﺟﻢ ، ﺍﻹﻣﺎﻡ ﻭﻟﺪ الشريف ، ﺃﺣﻤﺪ ﺳﺎﻟﻢ ﻭﻟﺪ ﻣﻮﻻﻱ ﻭﻟﺪ ﺃﺣﻤﻴﺎﺩﻩ ، اكليكم ﻭﻟﺪ ﺣﺒﻴﺐ ﻭﻟﺪ ﻣﺘﺎﻟﻲ ، ﺃﻣﺮﺑﻴﻪ ﻭﻟﺪ ﻋﺎﺑﺪﻳﻦ ، انجاي ﻣﺎﻻﻝ ، ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﻴﺴﻴﻜﻮ عليهم الرحمة الغفران.

سنكتفي بالتعريف بالصحفي محمد لمين ولد اكاط و نترك للاصدقاء التعريف ببقية الشخصيات.
محمد لمين ولد اكاط من مواليد 1915 بلعيون عاصمة الحوض الغربي . درس في المحظرة الموريتانية التقليدية و نهل من علومها قبل أن يغادرها للعمل في الدول الافريقية التي لم يرجع منها إلا في بداية 1955 حيث استقر في لعيون أولا لممارسة التجارة قبل أن ينتقل إلى انواكشوط و يتعرف على الرئيس ولد داداه الذي عرض عليه العمل في الإذاعة فبدأ العمل فيها في دجمبر 1959 حيث كان صوته أول صوت ينطق باللغة العربية عبر أثير إذاعة موريتانيا التي كانت حينها فرعا من اذاعة فرنسا الدولية .

اشتهر محمد لمين من خلال برنامجه الشهير اخواننا في الشمال و الذي كان يوجه فيه انتقادات لاذعة للمغرب و من خلال برامج المسابقات الثقافية التي كان يقدمها في الأعياد الدينية و الوطنية و التي تحظى بمتابعة واسعة . و ارتبط اسمه بالبرنامج الاذاعي الاكثر نجاحا في تاريخ موريتانيا حتى اليوم و هو برنامج ﺍﻟﺒﻼﻏﺎﺕ ﻭ ﺍﻻﺗﺼﺎﻻﺕ ﺍﻟﺸﻌﺒﻴﺔ الذي انتشر صيته في كل بقعة من البلد . و طيلة اكثر من عشرين عاما ساهم ولد اكاط في تطوير برامج الاذاعة الوطنية خصوصا البرامج العربية التي كان هو رائدها قبل أن يعمل لاحقا مستشارا لمدير الاذاعة و مستشارا لوزير الاعلام حتى تقاعد في منتصف الثمانيات و عاد إلى مسقط رأسه حيث توفي في يوليو 1987 عليه الرحمة و الغفران.  

المدون حميد ولد محمد

الأربعاء، 9 أغسطس 2017

كلام في السياسة و بكل صراحة



الآن هم رجال و أطر في هذه الدولة التي نتقاسم حبها شهدوا و عاشوا الكثير و الكثير من اللحظات و منذ تأسيس بلدية أنصفني حيث كانوا أطفالا أو شبابا يافعين في تلك الأرض النائية من ولاية الحوض الغربي تذكروا أنه ذات أيام مغبرة جرت أقتراعات أنتخابية، حينها كان الصراع في أوجه بين الإخوة و بين الأصدقاء و بين الجيران.

إلى الآن ما زالوا يتذكرون أحاديث و تجاذبات تلك الصراعات التي كان الأهل و الجيران يخوضون فيها حيث كانت غالبيتهم حينها لا تفهم في السياسة ولا تعرف من الاحزاب سوى حزب الدولة.

يتذكرون الكثير من الأحاديث إحداهم تحكي بأسلوب بطولي أن أحد الوجهاء كان يعطي ثلاث بطاقات هوية لكل فرد حتي يتمكن من التصويت في كل مكتب ما زالوا يتذكرون قول أحد أولادهم أنه صوت ثلاث مرات ولم يكلفه ذلك سوي تغيير ملابسه على قلتها آنذاك.

و الصغار ينصتون لأحاديث الكبار التي تدور حول صراعات السياسة في القرى الصغيرة و الأرياف ،كانت أقرب إلي الملاحم و الحروب الأهلية في ذهن هؤلاء الصغار المساكين حيث شكلت انقسامات وا نشقاقات و شروخ و جروح ما زال بعضها غائرا لهذه اللحظة التي أكتب فيها هذه السطور.

لكن الصغار دار بهم الزمن فهو لا يتوقف أبدا أبدا و أصبحوا يعون شيئا فشيئا ماهية تلك السياسة و محركاتها و وقودها ليكتشفوا أن النخب التي كانت تقود تلك الحقبة ماهي إلا بيادق بيد المخابرات و المخزن كان يرسلها إلي تلك القرى و الارياف الفقيرة و البائسة من أجل إذكاء الصراعات وشق صفوف العامة و تدويرهم في حلقة مفرغة من التيه و الضياع ليعودوا بعد ذلك إلي قصورهم و بيوتهم في المركز من أجل استلام الغنائم و المكافآت و ليذهب البسطاء و قراهم إلي الجحيم ! لا حديث عن الوطن و لا عن المستقبل و لا عن حلحلة المشاكل العالقة و لا عن التنمية حتي كادت هذه القرى و الارياف الفقيرة تلفظ أنفاسها.

في بلدية أنصفني و على مدى ما يزيد عن أربعين سنة تم تحوير و تغيير بل و تزوير تقارير أمنية و مخابراتية تم فيها نفخ شخصيات و تلميعها لتتم التعيينات و التسميات وفقا لتلك التقارير هذا العمل الخطير تم بإشراف شخصيات نافذة على مستوى الحوض الغربي منهم وجهاء و وزراء في فترة ولد الطائع لنحصل على ناتج متمثل في هذا المشهد الحالي الأعرج تماما لذالك لا مفاجئة فمن زور حصد.

لا أعتقد أن عين الإبرة قادرة على ابتلاع الجمل و الله يعلم المفسد من المصلح و أنه على قدر حسن البدايات تكون النهايات.

 المختار ولد أعبيدي

الثلاثاء، 8 أغسطس 2017

نعي الديموقراطية و إدانة الفعل السياسي العام / السعد بن عبد الله بن بيه

السعد بن عبد الله بن بيه

ليس هذا المقال تأريخا للديموقراطية في موريتانيا، ولا يطمح أن يقدم قصة ديموقراطية لم توجد إلا في أذهان ساسة أرادوا ديمقراطية على مقاس بدلاتهم ، ولم يقم عليها دليل في الواقع، إنما هو نقد يركز اليوم على الجانب السلبي من تطورنا الديموقراطي إغفالا وعن وعي للمكتسبات الهامة عبر الأنظمة من لدن الاستقلال إلى اليوم وخاصة الآن، ليس إيمانا بالروح العدمية، ولكن الوخز يمثل علاجا، والصدمة توقظ من الغيبوبة أحيانا.

عرفت موريتانيا نظام حكم مدني إبان استقلالها على طريقة بعض دول جوارها الإفريقي والعربي، ولو قرأنا بأثر رجعي ونقدي تلك التجربة التاريخية وفرص تحولها لتأملنا -ربما- أن تسفر عن نظام ديموقراطي تداولي في الحكم كما حدث في السنغال، ولكن تهذيب الحكم المدني وتطويره من نسخته المدنية "ذات الطبيعة الخاصة" على نحو ما هو سائد في أنظمة حكم الستينات والسبعينيات سيتعرض للانكسار والالتواء على يد أول انقلاب في موريتانيا 10 يوليو 1978، وبدت الديموقراطية والتنمية وعداً للشعب ليستسيغ الانقلاب.

فقد وعدت اللجان العسكرية "بتمدين الحكم وبناء الرخاء"، ولكن النظام العسكري والذي امتد منذ تلك الفترة وحتى 1992، وشهد خلالها صراعات النخب العسكرية (على شكل انقلابات)،مدفوعة بالمؤامرات الداخلية والخارجية، ومدعومة بالتناقضات الاجتماعية الإثنية والقبلية والجهوية، وبالتخندقات الإيديولوجية وسياسات إصلاح اقتصادي قاسية ومنصاعة لشروط بريتون وودز، وسن مواثيق حكم ودساتير وتجارب انتخابية جزئية شكلية (بلديات 1986)، لم يستطع أن يفي بوعده الذي رفعه من خلال ذلك الشعار البراق (تمدين الحكم وبناء الرخاء).

لكن التحول الشكلي الأهم سميثله إعلان الحكم العسكري نزولا وانصياعا للتوجيهات والضغوطات الغربية - والتي مثل خطاب ميتران في لابول نموذجا عليها - التحول نحو النظام الديموقراطي، واصدار دستور 1991، وهو ما فتح أملاً متجدداً لدى الحركات والطبقة السياسة والنخب التي أكملت تعليمها في ذلك الوقت: بأن الاقتراب من الوفاء بالشعار أصبح ممكناً بعد ما يقارب عقداً ونصفاً من حكم العسكر. غير أن هذا الحماس الذي أظهره الخاصة والعامة لهذا التحول الدستوري الذي يرسم على الورق دولة مدنية متكاملة الأركان (مؤسسات وحريات)، لم يكن يعي مستوى الإعداد في الواقع لاستدامة الحكم العسكري بلبوس ديمقراطي، والذي سيتذرع بلعبة محابية تتخذ من الولاءات الجهوية والقبلية - بعد أن ندد بها- مطية للبقاء.

ومنذ يومئذ أصبحت الإدارة والمال العمومي والإعلام خدماً أوفياء لما يراه قائد التصحيح سابقاً، وقائد المسيرة الديموقراطية لاحقاً، وقد تم تفريغ كل الأدوات التي يمكن أن تساعد في تشكّل الوعي أو تراكمه من فاعليتها، فقامت الأحزاب وتشكلت الجمعيات والنقابات والمؤسسات الدستورية -خصوصاً البرلمان-، ولكن ظلت هياكل فارغة تحكي شكل مؤسسات وهيئات ولكن لا روح فيها، حيث فشلت الأحزاب لعوامل داخلية (ضعف التنظيم،وتقادم الخطاب، والانسداد،وعدم تجدد القيادات)، وخارجية عن إرادتها (التدخلية الأمنية،وتصفية الكوادر من الإدارة، وعرقلتها في المبادرة الإقتصادية الخاصة، والإشاعات)، عن تمثل أدوات حقيقية للتعبئة والتكوين والتوعية، قادرة على صناعة أو فرض تحول ديموقراطي جوهري، يؤدي لتداول سلمي على السلطة.

وانحصر دورها في صيانة وتشريع وتحسين صورة اللعبة السياسية، التي حددت حدودها وقواعدها، بشكل لا يمس جوهر وتوازنات النظام "المتحول" شكلياً نحو ديموقراطية، يؤمن بها إجرائياً ويرفضها، بل يحارب قيمها الجوهرية.

أما عن المؤسسات الديموقراطية المدنية، سواء المجلس الدستوري والسلطة القضائية والبرلمان بغرفتيه،أو المجالس المختلفة، فلم تكن إلا ظلاً للحاكم. وبالرغم من هذه السيطرة الاحترافية إلا أن سياسات النظام وقصوره، خاصة في إدارة علاقاته بالقوى الخارجية النافذة والممولة،وطبيعة تحالفاته حليفة عدم التوفيق آنذاك،وإدارة الملف السياسي مع خصومه في مجال الحريات وفي الملف الاقتصادي والمالي والتنموي عموماً، حيث استفحل الفساد في الإدارة العمومية وفي أوساط السياسيين ورجال الأعمال والقوى الاجتماعية والجهوية، التي تمثل مسنداً للنظام وقبضة يجول بها في الخصوم، مما جعل المال دولة بينهم واستفحل التناقض داخل المؤسسة العسكرية خصوصاً؛ لطول مدة حكم الرئيس وما تعرض له من محاولات انقلابية من الصفوف الثانية والخلفية، كادت تودي بمصالح ضباط الصف الأول، جعلت المتنفذين في الدائرة العسكرية يرون بأن هذا النظام لم يعد يمثل مصالحهم وأنه لا بقاء له بدونهم، وهو ما جعلهم يفتكون رأس النظام، ويعملون على تجديد جسده وساعدهم في ذلك درجة الاحتقان العالية جداً حينها.

غير أن التحولات ستبرهن على صعوبة -بل استحالة- تركيب رأس مدني على جسد عسكري وأنه لا بد من تحولات كبيرة وعميقة ومحسوبة لاستعادة الرأس. هذه العبارات تلخص بشكل غير مباشر ما حدث منذ انقلاب 3 أغشت/أغسطس 2005 حتى انقلاب 6 أغشت/أغسطس 2008، حيث اعتقد النظام العسكري الحاكم (بالقوة والفعل)، أن عملية استعادة الرأس أصبحت ناضجة، وأن لحظة الاستغناء عن الخديم المدني أصبحت واردة. لكن المضاعفات الجانبية لم تكن محسوبة، خاصة مع تطور الممارسة الحزبية والحركية في موريتانيا، وتطور الوعي المدني العام،وعدم الاستشراف (الحراك الثوري العربي)،والذي سيتطلب من حكامنا الجدد القدماء إطلاق سردية جديدة ومحكمة،تغازل الناس وتبثها الوعود في إصلاح معاشها اليومي، من خلال مكافحة الفساد ومغازلة أحلام الأغلبية الديموغرافية "الشباب والمرأة"، من خلال إطلاق دينامية سياسية جديدة تتوخى تجديد الطبقة السياسية.

غير أن الممارسة المتناقضة تدريجيا مع الشعارات المعلنة والتحولات المحيطة خارجياً، ستفشل سياسياً كل الطموحات والآمال التي انعقدت في قلوب الكثيرين سواء حسني النية والذين رأوا امكانية التأسيس على الخطاب الجديد للسطة أو السذج والبرآء والانتهازيين الحزبيين من المدنيين، وذلك بعد ما طوّر النظام الجديد أسلحته بحسب تطور الأوضاع، فانتهج مسلكيات تتراوح بين الوعود بالتغيير والغموض في التسيير، مع خطة منهجية تتعلق بإفراغ المكتسبات الديموقراطية المحدودة من فاعليتها، فقد تم تعويم بل اغراق سوق التعبير وفتحت المنصات الإعلامية أمام كل من هب ودب، وانفلت التعبير من عقال القانون والمسؤولية على نحو جعل التعبير الرديء يطرد التعبير الجيد، وهو ما أدى إلى احتقار المعلومات، وأشاع خطاباً من التجهيل والتسفيه والسفسطة والسخف والإساءة يشكك في كثير من الثوابت والمكتسبات التاريخية (انجازات وأشخاصا)، وهو ما اغتال الثقة داخل المجتمع والدولة.

بل وصل هذا التعويم والانفلات إلى الخطاب السياسي والمؤسسات السياسية والشخصيات السياسية، فسادت قيم التخوين والتضليل والافتراء والشتيمة، وفتح الباب واسعاً أمام الخطابات العنصرية وما دون الوطنية، فتكلم من شاء بالانفصال ومن شاء بشتم الدين ومن شاء بشتم الناس ومن شاء ومن شاء، دون أن يطاله قانون أو جزاء. كما فتح الباب واسعاً أمام آحاد محددة من الناس، لبناء ثروة غير معلومة المصادر، ويشوبها دخن كبير جداً في علاقتها بأشخاص في السلطة، واتخذت الإجراءات والتدابير لإحكام السيطرة على الاقتصاد الوطني والتصرف في الثروات، وكأنها ملك خاص وموروث، فاصبح -طبقاًللقانون- من صلاحيات الحكومة أن تبت في العقود مع الشركات العالمية ومع الدول، وتصادق عليها، وتنفذها، دون علم البرلمان مثلاً.

كما تم القضاء تماماً على قيم التنظيم الإداري الموريتاني، ونبتت طبقة جديدة من المتسلقين لأعلى المستويات في مجال القضاء وفي مجال الحكومة، وكفاءتهم الوحيدة هي الاعتماد على شبكات الظل والإشادة بالأفكار والمصطلحات التي لا تدل على شيء في الحقيقة، وتنحو السلطة التنفيذية اليوم لإفراغ الدستور الموريتاني من قيمته الرمزية والفعلية، بعد التعدي عليه بالطرق غير القانونية،وإعلانها أنه لا يزال معرضاً لتعديلات أخرى، وهي تعديلات ستكون كارثية في حالة رامت تغيير المواد المتعلقة بالفترات الرئاسية، أو حاولت تغيير نظام الحكم من رئاسي إلى برلماني ؛ في هذه المرحلة التي تتسم بالتراجع في الثقافة الديموقراطية وضعف الأحزاب وسيطرة المال السياسي الفاسد .

وخاصة أنه وإثر التغيير الأخير، والذي ألغي بموجبه مجلس الشيوخ -كعامل توازن-، أصبح لا حدود أمام قدرة السلطة التنفيذية على المبادرة التشريعية، بحكم تبعية البرلمان لها، وبحكم ضعف المعارضة وسيادة قيم الوصولية والانتهازية والمغنمية لدى السواد الأعظم من الموالاة -الدائمة- لكل نظام حكم يركب موريتانيا. وتمتاز هذه الأغلبية المتنقلة بأنها غذيت بفاعلين جدد لا سقف ولا تحفظات لديهم فيما يتعلق بموقفهم السياسي، فكل شيء ممكن وبأسخف الحجج؛ لأنهم غير قادرين على إنتاج خطاب سياسي معرفي ومصلحي واضح وعقلاني وهادف.

لقد تم تعويم السخف أيضاً، فأحد الخطابات الإعلامية يتحدث عن المخالفين بأنهم مجرمون وآخر يتحدث عنهم "بالطلقاء"، وهو مصطلح مخطوف من سياقه يحمل دلالة التكفير والامتنان.

اليوم يفتح المشهد الموريتاني على المجهول بسبب تحولات قصرية ومستعجلة غير مفهومة المآلات، وإن فهمت الدوافع، وستكرس ولا شك حالة من الانقسام ومن السلطوية لم يكن هو المتوقع والمأمول. 
لتكون الأسئلة الحقيقية المطروحة أمامنا اليوم، هي:
  • من أجل موريتانيا كيف نصوغ وضعاً جديداً يعتبر الواقع ويأخذ الدروس من هذه الخيبات المتواصلة؟
  • كيف يمكننا أن نفيض المجالس بين تلك النخب لتتحالف من أجل موريتانيا مسالمة ومتطورة؟
  • وكيف نطور -كنخب مدنية ترفض التبعية وتؤمن بالتعاون- خطاباً نحو عقلاء السلطة ومؤسستنا العسكرية والتي لها مكانتها ومكانها في واقع وقلوب ودستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية؟
  • ثم كيف يمكننا أن نعزز من الوعي، لنحمي ما تبقى من المكتسبات القليلة في الدستور الموريتاني أمام أغلبيات الانتجاع الدائمة؟
  • وأخيراً، كيف لنا أن نأسس لخطاب جديد ومتجاوز للموالاة من أجل السلطة والمعارضة لأجلها؟
هذه في نظري هي الأسئلة الأولية التي يجب الجواب عليها، لتحديد نقطة انطلاق متفق بشأنها لرسم خطة تحول تدريجي وعقلاني نحتاجها اليوم ، تبقى الإشارة والتأكيد مرة أخرى أن ماتقدم دافعه هو مخافة الوقوع في الشر ، ونكتبه بنفس مطمئنة لا تتراجع ضرورة عن التنبيه على مكامن الخلل والإشادة بمكامن الإحسان إن وجدت .



الخميس، 3 أغسطس 2017

تحديد تاريخ عقد إجتماع الجمعية العامة لنادي انصفني الثقافي







أعلن المكتب التنفيذي لنادي انصفني الثقافي إلي علم جميع منتسبيه أنه بعد التفكير و المشاورات توصل أعضاء المكتب التنفيذي إلي قرار عقد إجتماع للجمعية العامة و ذلك لإطلاعها علي كل الحيثيات التي مر بها النادي و النشاطات المقررة لموسم 2017 و غيرها من الأمور التي هي من حق كل منتسب للنادي الإطلاع عليها و سيكون الإجتماع يوم الأحد 06/08/2017 في أنواكشوط.