الجمعة، 5 أغسطس 2016

حسن الحضارة


مقطوعة من قصيدة 

مَــنِ الجــاذِرُ فـي زِيِّ الأَعـارِيبِ ** حُــمرَ الحِـلَى والمَطايـا والجَـلابِيب

إنْ كُـنتَ تَسـأَلُ شَـكّاً فـي مَعارِفِهـا ** فمَــنْ بَــلاكَ بِتَسْــهِيدٍ وتَعْــذِيبِ

لا تَجْـزِني بِضَنـىً بـي بَعدَهـا بَقَـرٌ ** تَجــزي دُمُـوعيَ مَسـكُوباً بِمَسـكُوبِ

ســوَائِرٌ رُبَّمــا ســارَتْ هَوادِجُهـا ** مَنِيعــةً بَيــنَ مَطعُـونٍ ومَضـرُوب

ورُبَّمــا وَخَـدَت أيـدِي المَطِـيِّ بِهـا ** عـلى نَجِـيعٍ مـنَ الفُرسـانِ مَصْبوُبِ

كـم زَورةٍ لَـكَ فـي الأعـرابِ خافِيـةٍ ** أدهَـى وقـد رَقَـدُوا مـن زورةِ الذِيبِ

أزُورُهُــمْ وسَـوادُ اللَيـلٍ يَشـفَعُ لـي ** وأَنثَنـي وبَيـاضُ الصُبْـح يُغْـرِي بي

قـد وافَقُـوا الوَحْـشَ في سُكْنَى مَراتِعها ** وخالَفُوهـــا بِتقْــويضٍ وتَطْنِيــب

جِيرانُهــا وهــمُ شَـرُّ الجِـوارِ لَهـا ** وصَحْبُهــا وهــمُ شَـرُّ الأصـاحِيبِ

فُــؤادُ كــلِّ مُحــبًّ فـي بُيُـوتهِمِ ** ومــالُ كُـلِّ أخِـيذ المـالِ مَحـروبِ

مـا أوجُـهُ الحَـضَرِ المُسْتحسَـناتُ بهِ ** كأوجُـــهِ البَدَويَّـــاتِ الرَعــابيبِ

حُسْــنَ الحِضـارةِ مَجـلُوبٌ بِتَطْرِيٍـة ** وفـي البِـداوةِ حُسْـنٌ غَـيرُ مَجـلُوبِ

أَيْــنَ المَعِــيزُ مِــنَ الآرامِ نـاظِرَةً ** وغَـيْرَ نـاظِرةٍ فـي الحُسْـنِ والطِّيـبِ

أَفـدِي ظِبـاءَ فَـلاةٍ مـا عَـرَفْنَ بِهـا ** مَضْـغَ الكَـلامِ ولا صَبْـغَ الحَواجِـيبِ

وَلا بَــرَزْنَ مِــنَ الحَمَّــامِ ماثِلــةً ** أَوراكُـــهُنَّ صَقِيــلاتِ العَــراقِيبِ

ومِـن هَـوَى كُـلِّ مَـن لَيْسَـتْ مُموِّهةً ** تَـرَكْتُ لَـوْنَ مَشِـيبي غَـيْرَ مَخضُوبِ

ومـن هَـوَى الصِّـدْق في قَولي وعَادتِه ** رَغِبْـتُ عـن شَـعَرٍ في الرأْسِ مَكذُوبِ

لَيـتَ الحَـوادِثَ بـاعَتْنِي الَّـذي أَخَذَتْ ** مِنّـي بحـلْمي الَّـذِي أَعْطَـتْ وتَجريبي
  
فَمــا الحَداثــةُ مــن حِـلْمٍ بِمانِعـةٍ ** قـد يُوجَـدُ الحِـلْمُ فـي الشُبَّانِ والشِيبِ

أبو الطيب المتنبي 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق